فلسطيني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع للا عزاء


    ملامح في التسامح

    فلسطيني
    فلسطيني
    المدير
    المدير


    المساهمات : 72
    تاريخ التسجيل : 25/09/2008
    العمر : 36

    ملامح في التسامح Empty ملامح في التسامح

    مُساهمة  فلسطيني السبت سبتمبر 27, 2008 7:26 pm

    إن الشجرة الطيبة تطرح ثماراً طيبة ، والشجرة الخبيثة تطرح ثماراً خبيثة ، ولكنك أيها القراء الفطن لأي شجرة تقصد ، وتحت أيهما تستظل ، وأي الثمار تأكل

    لا شك أن مبدأ التسامح عظيم، لأننا كلنا أهل خطأ، ونحتاج كثيراً إلى من يصفح عنًا ويحلم علينا، ليصنع لنا بذلك معروفاً ندين له به أبداً، والحقيقة أنني متى ما رأيت أن خصمي يراني خبيثاً وشريراً وكافراً أو رجعيّ ظلامي مستبد ، فإني وتلقائياً استبد برأيي واستبدل ريشة القلم بسيف بتار أضرب به عنق الآخر ، ومتى ما رأيت كلمات التسامح والصفح والمحبة من الآخر كلما أحسست بعظمة الإحسان الذي تملكني، هذا هو لسان كل إنسان.

    كلنا نخطئ ، كلنا نذنب ، كلنا يحتاج إلى مغفرة ، وكم قسونا وكما تجاوزنا الحدود ، والذي يبقى في النهاية بكل تأكيد هو التسامح.

    والحقيقة أن التسامح متى ما كان أقوالاً لا تدعمها السلوكيات، ومواعظ وكلمات لا تبرهن عليها الأفعال، كان التسامح ضرباً من ضروب التدجيل والزيف لترويج البضائع اللفظية، إنه من السهل - يا سادتي - أن ننمق الكلمات والعبارات ونرصف بها شوارع الأوراق، ونزيف بها رسومات فنية جميلة، لكنها في النهاية تبقى حبيسة الإطار، ومسجونة في حدود الألفاظ الزائفة، إن القانون الحقيقي لكلمة التسامح هي : الثمرة السلوكية العملية في الحياة، نعم .. من ثمارهم تعرفهم، هل تجني من الشوك عنباً ، أم من العوسج تيناً، ما أسهل التبشير باسم التسامح والعدل، لكن الثمار الشوكية العملية تفضح وتعري وتكشف هذا التبشير المزوق المزور
    التسامح مع الآخر ... في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية ) فالتسامح أمر عظيم ولمعرفة عظمته نريد أن نتعرف على مكانته في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

    لست بحاجة للتعريف بشخص ابن تيمية والعصر الذي عاش فيه رحمه الله، وما تعرض له من عداء وهجوم وسجن وتعذيب واعتداء، وكيف كان رحمه الله يقابل ذلك بتسامح وعفو وصفح .

    لقد كان شيخ الإسلام يدرك أن الاختلاف أمر طبيعي بل حتمي في هذه الكون، وهذه سنة إلهية ، حيث بيّن الله سبحانه وتعالي أن الناس في اختلاف ، وأنهم لا يزالون كذلك ، وأن الخلاف لا يعرف أحقيته أو بطلانه من كثرة الأعداد أو قلتها ، وأن الحق لا يرتبط بالأشخاص ولا بالدول ولا بالمؤسسات ، والحق أصيل وقديم ، وهو الغالب ، بالكلمة والحجة والبرهان ، وأن الحق لا يحتاج إلى أشخاص يجيدون الشتائم والسباب ، وأن الحق لا يريد إقصاء الآخر ، ولا إلغاء شخصه، ولا الانتقام منه ، بل الحوار معه ، في جو يكفل المساواة في الفرص والإمكانات ، وكما أن الحق ظاهر فإنه لا يزال في صراع ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

    ولولا قيمة هذا الصراع لما أوجده الله ، فالله سبحانه وتعالى لا يوجد - إطلاقا - شرا محضا ، ولا يوجد في مخلوقات الله شرور معدومة الخيريّة بوجه من الوجوه ، بل لا توجد مصيبة ولا شر، كموت الأنبياء ، والصالحون ، أو انتكاسة من انتانا حمار، أو زوال مظهر من مظاهر الخير ، إلا وفيه خير ظاهر أو باطن علمه من علمه وجهله من جهله ، فلله الحكمة البالغة كما له الحجة البالغة ، ولو شاء لهدى الناس جميعا ، ولكن الحياة أرض بلاء ومحك اختبار ، ودار عمل ، فمن شاء فليقدم لنفسه من الأعمال والأقوال ما ستنفعه يوم القصاص الأكبر .

    لكن العجيب من مواقف التسامح أن تكون في موقف القوة والغلبة، وأن يكون لك الحق، فإذا تسامحت مع من ظلمك وهو تحت سطوتك، كنت حقاً متسامحاً كريم الخلق والنفس.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أكتوبر 06, 2024 12:32 am